أرسى البرنامج أساسًا قويًا خلال مراحل التنفيذ السابقة من أجل الوصول لهدفه، إذ انصب التركيز الأساسى خلال تلك المراحل على تصميم آليات وأدوات تشاركية واستخدامها لتحسين المناطق العشوائية فى الأحياء الحضرية المستهدفة. وتمكن البرنامج بالفعل من تحقيق نتائج ملموسة ومبهرة فى المنطقتين التجريبيتين (منشية ناصر وبولاق الدكرور) بدعم من بنك التنمية الألمانى وبفضل المساهمات التى تقدم بها الشركاء المحليون. وتجلت الإنجازات الرئيسية التى حققها المشروع فى التحسينات المادية التى شهدتها المنطقتان ومشروعات التنمية الاجتماعية التى أقيمت بهما وظهور حالة من الالتزام المجتمعى هناك.
وأشارت دراسات تقييم الأثر التى أجريت إلى أن الأهالى القاطنين بهاتين المنطقتين ممتنون للغاية بالتطويرات التى جرت وسعداء بتحسن المستوى البيئى والتعليمى والصحى والثقافى فى المنطقتين. كما أعرب الأهالى هناك عن تقديرهم للدعم الذى يقدمه البرنامج لهم ليتمكنوا من التعبير عن احتياجاتهم والمشكلات التى تواجههم من أجل إقامة مشروعات تساهم فى تلبية تلك الاحتياجات وحل هذه المشكلات. علاوة على ذلك أكدت النتائج التى أسفرت عنها هذه الدراسات على أن التعاون الذى جرى ما بين البرنامج والأحياء والمجلس الشعبى المحلى كان له عظيم الأثر فى تفعيل دور المؤسسات الحكومية فى تنفيذ المشروعات مع المجتمع المدنى. وبالتالى فإن ذلك أدى إلى مد جسور الثقة بين الأهالى والمؤسسات الحكومية من ناحية وإلى زيادة ثقتهم فى منظمات المجتمع المدنى من ناحية أخرى.
تعميم مدخل برنامج التنمية بالمشاركة فى المناطق الحضرية
بعد النجاح المذهل الذى حققه البرنامج فى المنطقتين التجريبيتين قررت إحدى المنظمات غير الحكومية المعروفة باسم جمعية الرعاية المتكاملة تعميم تجربة البرنامج فى عدة مناطق جديدة فى حلوان (البدء بعزبة الوالدة وعرب الوالدة ثم تعميمها على مستوى حلوان). وبالفعل نفذت الجمعية هذه التجربة وتجلى الإنجاز الأعظم لها هنا فى تمكنها من جمع ما يقرب من 70 مليون جنيه مصرى من المؤسسات العامة والخاصة من أجل تطوير المنطقتين السابق ذكرهما باستخدام أدوات البرنامج التشاركية. وفى عام 2007 أصبحت تجربة حلوان هى الشغل الشاغل لوسائل الإعلام باعتبارها نموذجًا لأفضل الممارسات فى تطوير المناطق العشوائية من خلال الدفع بمسألة تطوير المناطق العشوائية كإحدى الموضوعات الأساسية فى الأجندة السياسية.
المبادرات المحلية تؤثر على الحياة المحلية:
بالنسبة للمشكلات الأساسية مثل مشكلة الحد من الفقر والنوع الاجتماعى، سعى البرنامج للتغلب على هذه الجوانب من خلال مشروع صندوق دعم المبادرات المحلية، وتم تمويل (200) مبادرة فى (13) محافظة منذ بدء الصندوق عام 2002، وقد أظهر التقييم البعدى أن هذا الصندوق كان له آثار إيجابية على المستويين الكلى والجزئى.
فعلى المستوى الكلى أدى الصيت الذى يتمتع به الصندوق إلى جذب الاستثمارات العامة والخاصة لتكرار التجربة، وخصصت شركة البترول الألمانية “آر دبليو أى” مبلغ 50000 يورو لتنفيذ أربع مبادرات من خلال منظمات المجتمع المدنى، ونفذ البرنامج أربع مبادرات فى قطاع التعليم، فضلاً عن ذلك دعمت وزارة التنمية الاقتصادية الصندوق منذ عام 2002 بتخصيص مبلغ مليون جنيه مصرى سنويا لتنفيذ مبادرات فى أى قطاع، ومن هنا استمر الصندوق فى تمويل وتنفيذ المبادرات بالمساهمات الأخرى.
وعلى المستوى الجزئى – أظهر التقييم البعدى أن حوالى 80% من المبادرات التى تم تنفيذها حافظت على الاستدامة، وقد أشار أفراد المجتمع المحلى، ومنظمات المجتمع المدنى إلى الآثار الآيجابية التالية:
تمكين الجمعيات الأهلية وقيامها بتكرار مشروعات موجهة لخدمة المجتمع.
العديد من الجمعيات الأهلية قاموا بتكرار مشروعات مماثلة فى مجتمعات أخرى جديدة.
تدريب أفراد المجتمع – ولا سيما النساء – على مهن مختلفة وتعزيز قدراتهم ومهاراتهم.
توفير عدد من فرص العمل والحد من البطالة بين الشباب والنساء.
نشر الأدوات التشاركية:
بالإضافة إلى الطلب بشكل عام على أدوات المشاركة وعلى قاعدة بيانات نظم المعلومات الجغرافية، وأداة تبادل المعلومات بوجه خاص من قبل الجامعات، والمحافظين، والمسؤولين بالحكومة، والوزارات، مما أظهر إتجاه إيجابى نحو تبادل المعلومات الدقيقة خاصةً بشأن تطوير العشوائيات. ولا يزال فريق نظم المعلومات الجغرافية يقدم محاضرات عامة ويعمل على رفع قدرات المنظمات الشريكة وغيرها من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية على أساس الطلبات الخاصة بكيفية استخدام الأداة. وقد أظهر تقييم برنامج تنمية القدرات الخاص بنظم المعلومات الجغرافية والذى تم تقديمه للمسئولين على مستوى الأحياء أن عدد الطلبات المقدمة لأقسام نظم المعلومات الجغرافية على مستوى الأحياء وعلى مستوى المحافظات والأقسام الأخرى قد زادت زيادة هائلة مقارنة بعددها قبل تلقى التدريب.
ومن الآثار الأخرى الهامة لتدريب نظم المعلومات الجغرافية الذى قدم للعاملين بمركز المعلومات على مستوى الأحياء – تمكينهم من الاستجابة للمشكلات والطلبات الأهلية من خلال تقديم معلومات دقيقة للجهات المسؤولة، ووفقاً للمتدربين فإن التدريب مكنهم من الرد على العديد من الطلبات أثناء الانتخابات والتغيير الوزارى، بالإضافة لذلك فى حالة عرض أى مشكلة فى وسائل الإعلام (مشكلة مع المخابز، أو فرض ضرائب جديدة، وما إلى ذلك) يبادرون ببذل الجهود لإنشاء قاعدة بيانات عن المشكلة وتقديمها لرئيس الحى.
توجه جيد لبرنامج التنمية بالمشاركة:
قام محافظو الجيزة والقاهرة والقليوبية – استنادا لخبرة البرنامج – بإنشاء وحدات تطوير المناطق العشوائية لتعزيز وتكرار تجربة الاستعانة بالأدوات التشاركية للتنمية المحلية فى 2007 – 2008، وبالتبعية أوصى السيد رئيس مجلس الوزراء بتعميم التجربة وإنشاء وحدات مماثلة فى المحافظات المصرية جميعها (26 محافظة) بهدف توجيه المحافظين بشأن كيفية التعامل مع المناطق العشوائية، وبدأت هذه الوحدات عملها باختيار المناطق التى ستطبق فيها الأدوات، وبدأ تطبيق المبادرات المحلية فى القاهرة والقليوبية بتشكيل لجان تمثل الإدارة المحلية والمجتمع المدنى وتنفذ (20) مشروع موجهة للمجتمع فى منطقتين. وقد أظهرت اللقاءات التى أجريت مع السكان أن الأثر الأساسى لهذه المبادرات هو خلق جو عام يسوده الأمان فى منطقة يتمتع سكانها بوقت للترفيه نتيجة لإنارة العديد من الشوارع، وتطبيق الأداة الثانية لنظم المعلومات الجغرافية بدأ فى محافظة القاهرة وسيبدأ فى أكتوبر فى المحافظتين الباقيتين.
وقد بدأ الدعم المقدم من التعاون الدولى الألمانى على مستوى المحافظات وزيادة الاهتمام الموجه للمناطق العشوائية من الحكومة المصرية فى إظهار الأثر الإيجابى بفتح الأبواب لمزيد من التعاون مع صناع القرار الرئيسيين. ففى عام 2008، وقع البرنامج ثلاثة اتفاقيات مع المنظمات الشريكة، ومنظمة الرعاية المتكاملة للمجتمع – وهى منظمة غير حكومية – تهدف إلى ادماج آليات التشارك فى الهيكل المصرى الرسمى.
وجهة نظر:
على الرغم من التقدير الذى حظيت به جهود البرنامج فى وسائل الإعلام فى العامين الأخيرين إلا أنه لا يزال هناك الكثير من العمل للانتقال من مرحلة التجارب إلى مرحلة إضفاء الصبغة المؤسسية على النهج، والتحدى فى المرحلة الحالية سيكون إضفاء الصبغة المؤسسية على النهج التشاركية ذات الصلة فى مؤسسات الحكومة المصرية، وتمكينها من تقديم الدعم والخدمات بطريقة فعالة.