قام مكون التغير المناخى أحد مكونات برنامج التنمية بالمشاركة فى المناطق الحضرية – فى يوم الثلاثاء الموافق 5 مايو – بتنظيم ورشة العمل الثانية للجهات المعنية – بالإضافة إلى الجلسة الثالثة للمجلس الاستشارى المعنى بالتغير المناخى فى المدن، وذلك بهدف متابعة بعض التدابير الصغيرة للتكيف بشكل أفضل مع التغير المناخى بمنطقة عزبة النصر، بالإضافة إلى التشجيع على تبادل المعلومات تبادلاً فاعلاً مثمراً بين الجهات الفاعلة ذات الصلة فى هذا المجال. وقد جمع الحدث – الذى انعقد بفندق “فلامنكو” بالزمالك – الجهات المعنية من المؤسسات المختلفة، إذ ضم ممثلين من الأوساط الأكاديمية، والهيئات الوطنية والمحلية، والمجتمع المدنى، والمراكز البحثية الحكومية، والتعاون الإنمائى، والمنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص.
وفى الكلمة الافتتاحية لكل من الأستاذة / شهيرة عبدالرازق – ممثلة وزارة التطوير الحضاري والعشوائيات الشريك السياسى الجديد لبرنامج التنمية بالمشاركة فى المناطق الحضرية، والسيد/ هشام عيسى – ممثل جهاز شئون البيئة أوضح كل منهما ضرورة زيادة الأنشطة المعنية بمتابعة التكيف مع التغير المناخى فى سياق العشوائيات، وفى العرض الذى قدمه السيد/ جوهان لوكنكوتر – أحد أعضاء”Plan and Risk Consult” وشريك برنامج التنمية بالمشاركة فى المناطق الحضرية فى وضع وتنفيذ استراتيجية متكاملة للتكيف مع التغير المناخى- شرح سيادته النهج العلمى الذى وضعت على أساسه التدابير التسع الصغيرة.
ثم أعقب ذلك عرض التفاصيل العلمية من خلال ماقدمته الأستاذة/ مى الإبراشى – حيث شرحت الوضع الراهن لتنفيذ التدابير الصغيرة فى منطقة عزبة النصر كجزء من مهمة “مجاورة” للاستشارات المحلية، وعلم الحاضرون أن التنفيذ سيبدأ بمنطقة عزبة النصر بعد وضع تصميم للتدابير ذات الصلة من خلال المشاركة فى الحدث المحفز القادم، وسيشمل التنفيذ أعمال جص الواجهات ودهانها وزراعتها، وتغطية الأسطح والشوارع لتوفير مساحة أكبر من الظل.
وفيما يتعلق بفكرة التبادل المشترك ونقل المعلومات التى يعتمد عليها المجلس الاستشارى المعنى بالمدن والتغير المناخى ناقش المشاركون هذا الموضوع فى مجموعة من الحلقات النقاشية المفتوحة تحت إشراف السيد/ ياسر شريف – العضو المنتدب للمكتب الاستشارى “انفيرونيكس” – بالإضافة إلى بعض مناقشات المائدة المستديرة، حيث طرح الجميع العديد من الأفكار الواعدة ولا سيما فيما يتعلق بالدمج فى الإطار المؤسسى، والتكامل بين أصحاب المصلحة، والمبادرة بالتآزر، وفى نهاية اليوم أشادت الأستاذة/ زيزى أسعد – رئيس وحدة التطوير الحضرى بمحافظة الجيزة – بالنجاح الكبير لورشة العمل، وأشارت إلى أنها تضح مرة أخرى أن الربط بين الأنشطة التى يقوم بها برنامج التنمية بالمشاركة فى المناطق الحضرية فى مجال التغير المناخى ودور السلطات الحكومية أمر ضرورى ومعقول.
تواجه مصر زيادة سريعة فى الزحف العشوائى أخذت فى تشكيل هيئة المدن المصرية وطبيعتها على مدى العقود القليلة الماضية. وفى أوائل التسعينيات بدأت الحكومة فى إعداد خطط لتطوير المناطق العشوائية فى معظم المحافظات المصرية. ووصلت نسبة الأراضى غير المخططة فى الكتلة الحضرية فى مصر إلى 37،5% فى الوقت الحالى، بكثافة 500 فرد تقريبًا للفدان، وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 95% فى القرى. وتوجد حاليًا العديد من التدابير والتدخلات التى تهدف إلى تطوير المناطق العشوائية وتحسين الظروف المعيشية للسكان وتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية، مما دفع برنامج التنمية بالمشاركة فى المناطق الحضرية إلى المشاركة فى المنتدى المصرى الحضرى الأول الذى عقد فى القاهرة خلال الفترة 14-16 يونيو 2015.
وخلال جلسات المنتدى التى تناولت موضوع التخطيط والتطوير الحضرى، تطرق الحلقات النقاشية إلى المداخل والمنهجيات والأساليب المختلفة التى تتبعها وزارة التطوير الحضرى والعشوائيات، بالإضافة إلى الثغرات ونقاط الخلل التى تحد من فعالية جهود تطوير العشوائيات. علاوة على ذلك، تناول النقاش الدور الذى يمكن أن تلعبه المنظمات غير الحكومية فى المستقبل للمساهمة فى تحسين أوضاع المناطق العشوائية، فضلاً عن أهم المشروعات التى ينبغى وضعها فى الاعتبار عند تطوير المناطق العشوائية فى القطاع الثقافى أو قطاع الخدمات.
وجدير بالذكر أن الدكتور جونتر فيهنبول منسق برنامج التنمية بالمشاركة فى المناطق الحضرية كان أحد المتحدثين بالحلقة النقاشية التى دارت حول “المناطق العشوائية والأحياء منخفضة الدخل”.”واستهل الدكتور فيهنبول حديثه بالتنويه إلى ضرورة تكاتف الجميع لتحسين الوضع المادى فى المناطق العشوائية لأننا جميعًا نعمل بالنيابة عن الأهالى الذين يعيشون هناك. كما صرح أن الأشخاص الذين يأتون من المناطق الريفية إلى المدن لا يسعون سوى إلى تحسين وضعهم الاقتصادى، وهذا هو السبب وراء زيادة الطوابق فى المبانى المنتشرة فى المناطق العشوائية وزيادة حجمها. وأشار د. فيهنبول إلى أنه رغم وجود العديد من المنظمات التى تعمل فى مجال تطوير المناطق العشوائية فى مصر، ورغم أن التعاون الدولى الألمانى لا يختلف عن تلك المنظمات التى تناصر تلك القضية، ولكن برنامج التنمية بالمشاركة فى المناطق الحضرية أحد الذى ينفذه يتبع منهجًا تشاركيًا لتحقيق ذلك الهدف، يما يعنى أن البرنامج يبذل كل ما فى مقدوره لإشراك الأهالى فى جميع أنشطة اللتطوير وخاصة خلال مراحل التخطيط، وذلك للحصول على دعمهم الكامل والتعرف على احتياجاتهم فى مجتمعاتهم المحلية.
وتعد القاهرة والجيزة والقليوبية هى المحافظات الرئيسية التى يستهدفها البرنامج، وذلك بموجب الاتفاقات التى وقعها البرنامج مع مختلف السسلطات داخل هذه المحافظات.
الأستاذة/ صفا عشوب – خبير ببرنامج التنمية بالمشاركة فى المناطق الحضرية ترأس جلسة بعنوان “الاقتصاد، والنمو، والمساواة”فى المناطق العشوائية بالمنتدى الحضرى المصرى الأول.
يلعب الاقتصاد غير الرسمى فى البلدان النامية دوراً جوهرياً فى توفير فرص عمل مختلفة متاحة بسوق العمل، فالاقتصاد غير الرسمى هو استراتيجية هامة للفقراء من أجل البقاء من ناحية، ومن ناحية أخرى غالباً ما ينظر إليه على أنه مصدر للإزعاج مثله مثل الشركات غير الرسمية المتهربة من الضرائب، والتى تعمل خارج سيطرة الدولة، والتى يمكن أيضاً أن تقوم بأنشطة غير شرعية.
تناول الجزء الأول من الجلسة تغطية أنماط الباعة الجائلين فى وسط المدينة ومختلف المناطق العشوائية، وتم التأكيد على أهمية دور الحكومة فى تطوير هذه الأسواق وهيكلتها من أجل الوصول إلى آلية تحظى بقبول جميع الأطراف: الباعة، وسكان المنطقة، والحكومة.
تناول الجزء الثانى من الجلسة أهمية الربط بين الريف والمناطق الحضرية، وكيف يؤثر كل منهما على الآخر تأثيرا مباشراً بدءاَ من وضع البذرة حتى وصول الخضروات والفاكهة إلى السكان فى المناطق الحضرية. كما تناولت أيضاً مشروعات إعادة التدوير الصغيرة والمتوسطة بمنطقة منشية ناصر، والتحدى الذى يواجه هذه الصناعة من ناحية الموارد، وأفضل الأماكن لممارستها، ووضعها فى إطار شرعى، وطالبوا الحكومة بالتدخل من أجل أن تحاول إيجاد حل.
اختتمت الجلسة بمناقشة مفتوحة بين الخبراء والحاضرين حيث تم إلقاء الضوء على أهمية الموضوعات التى نوقشت وأثرها على الأطراف المختلفة على كافة المستويات، والحلول المقترحة لحل هذه القضايا.
“كيف يمكن للمدن أن تحسن من درجة تكيفها مع تغير المناخ على الصعيد المحلى، وما هى الخلفية المؤسسية الضرورية لتحقيق ذلك؟ كيف يمكن إدماج مفاهيم البنية التحتية الخضراء والمستدامة فى المشهد العام للمدن؟ ما هى العلاقة بين الزراعة الحضرية والأمن الغذائى؟ كيف يمكن لمنصات التبادل والشبكات الدولية تعزيز أداء التكيف مع تغير المناخ فى المدن حول العالم؟”
تطرقت الجولة الدراسية بعنوان “رؤى ألمانية بشأن التكيف مع تغير المناخ فى المدن” إلى جميع هذه الأسئلة. وأشرف مكون التكيف مع تغير المناخ (المكون الثانى) التابع لبرنامج التنمية بالمشاركة فى المناطق الحضرية على تنظيم الجولة والتى أجريت من يوم الأحد الموافق 7 يونيو إلى يوم الجمعة الموافق 12 يونيو فى ألمانيا. وأثناء الجولة تم استعراض عدة خبرات فريدة بشأن التكيف مع تغير المناخ من المنظور الألمانى بما يتفق مع التدابير المتبعة على المستوى الدولى. وضمت الجولة الدراسية عددًا من كبار الخبراء فى أهم المجالات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ فى مصر ويشملون ممثلين عن وزارة الدولة للتطوير الحضرى والعشوائيات وعن جهاز شؤون البيئة المصرى وعن محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، بالإضافة إلى ممثلين عن القطاع الخاص من شركة شادوف وممثلين عن المجتمع المدنى من جمعية مجاورة.
ودارت الجولة الدراسية حول موضوعات “مؤتمر المدن القادرة على المواجهة” السنوى الذى تعقده منظمة الحكومات المحلية من أجل الاستدامة وهى أحد المنظمات الرائدة عالمياً فى مجال التكيف مع تغير المناخ على المستوى المحلى. ولعل أبرز ما شهدته الأيام الثلاثة التى عُقد خلالها المؤتمر هو العرض الذى قدمه التعاون الدولى الألمانى بشأن “قدرات التكيف فى المناطق كثيفة السكان”. وتناول هذا العرض مشروع التكيف مع تغير المناخ الذى بدأ تنفيذه مؤخرًا بنجاح فى إطار مكون التكيف مع تغير المناخ الخاص ببرنامج التنمية بالمشاركة افى المناطق الحضرية حيث ينفذ المشروع فى أحد المناطق العشوائية بالقاهرة (عزبة النصر)، كما تم إشراك الحاضرين فى المناقشة بشأن هذا المشروع. ودارت جلسات المؤتمر الأخرى حول موضوعات متعددة مثل الأمن الغدائى والآثار الصحية لتغير المناخ والمناهج التى تتبعها الأطراف المعنية المتعددة لبناء القدرة على المواجهة وغير ذلك من الموضوعات.
وفى اليوم الأول من الجولة الدراسية عُقد اجتماع مع ممثلة منظمة الحكومات المحلية من أجل الاستدامة، السيدة إيفا ماديرا، وذلك لإعطاء المشاركين فرصة لإلقاء نظرة شاملة على أنشطة المنظمة حول العالم. وقد حث هذا الاجتماع المشاركين على مناقشة إمكانية إشراك منطقة القاهرة الكبرى فى أنشطة المنظمة القادمة وجعلها أول مدينة عضوة فى المنظمة تنتمى إلى المنطقة العربية.
ومن أجل تعزيز المدخلات النظرية للمؤتمر فقد نُظمت رحلة قصيرة استغرقت نصف يوم إلى مدينة آندرناخ الألمانية المعروفة باسم “المدينة المأكولة”. وهناك تم تعريف أعضاء الوفد بمفهوم الزراعة الحضرية على مستوى المدينة فيما يتعلق بجوانبها البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
بالإضافة إلى حضور المؤتمر الذى عُقد فى بون، فإن الجزء الثانى من الجولة الدراسية تم فى مدينة شتوتغارت، وهى المدينة الشريكة لمحافظة القاهرة. وقد بذلت هذه المدينة مجهودات كبيرة خلال السنوات الأخيرة لتطوير جدول أعمال مراع للمناخ يُطبق على مستوى المدن الكبيرة بأكملها. وأسفرت هذه المجهودات عن وضع “أطلس المناخ” الذى يُعد قاعدة أساسية لتطوير استراتيجية التكيف مع تغير المناخ على مستوى المدينة. وتشتمل هذه الاستراتيجية على إنشاء ممرات خضراء وأسقف خضراء وقنوات للهواء النقى وذلك لمجابهة آثار الجزر الحرارية الحضرية ومعدلات التلوث المرتفعة التى تتسم بها مدينة شتوتغارت نظراً لوقوعها بإحدى الأودية. وكان مشروع “غرفة المعيشة الخضراء” الذى يُنفذ فى مدينة لودفيغسبورغ المجاورة والتى زارها الوفد أيضاً خلال رحلته القصيرة التى استغرقت نصف يوم، مثالاً على تخطيط وإنشاء البنية التحتية الحضرية الخضراء من أجل تحسين المناخ المحلى فى السياق الحضرى. ومن خلال استعراض هذين المشروعين المذكورين (مشروع غرفة المعيشة الخضراء فى لودفيغسبورغ والمشروع المنفذ فى شتوتغارت) اكتسب أفراد الوفد خبرات عدة بالغة الأهمية بشأن التكيف مع تغير المناخ بحيث يمكنهم بعد ذلك تطبيق ما تعلموه على منطقة القاهرة الكبرى.
وبصفة عامة، فقد حققت الجولة الدراسية نجاحًا كبيرًا حيث أقيمت العديد من الروابط والشبكات الواعدة التى يمكن تعزيزها وتعميقها فى المستقبل. فضلاً عن ذلك ألم الوفد بمعلومات شتى وجوانب جديدة ومناهج واعدة من أجل تحسين التكيف مع تغير المناخ على المستوى المحلى ولكن من منظور دولى. وأعطت أيضًا الجولة الدراسية فرصة جيدة للمشاركين ليتبادلوا وجهات النظر حول تعاون مستقبلى متبادل بين المستويات الوطنية والمحلية وحتى مع القطاع الخاص. وأخيراً و ليس آخراً، كانت أبرز ثمار الجولة الدراسية تكمن فى إتاحة المجال للمشاركين ليكتسبوا خبرات عملية ويروا بأنفسهم الآثار الإيجابية للتدابير صغيرة النطاق الرامية إلى التكيف مع تغير المناخ.